قياس الأداء الوظيفي

لو قررنا السفر من مدينة ما ولنسمها المدينة (آ) إلى مدينة أخرى (ب) تقع شمالاً وتبعد بمسافة 300 كم، ثم قمنا بتجهيز جميع مستلزمات السفر وتأكدنا أن كل شيء بمحله للانطلاق، ثم استيقظنا باكراً في اليوم المحدد للسفر وانطلقنا في تمام الساعة السابعة صباحاً، لأننا وبحسب المخطط يجب أن نصل إلى المدينة (ب) في الساعة العاشرة

ثم وبعد مسيرنا بساعتين بالسرعة المحددة اكتشفنا أننا كنا نتجه جنوباً بدل الاتجاه شمالاً!! فهل جميع تجهيزاتنا التي قمنا بها وانطلاقنا في الساعة المبكرة المحددة كان هاماً؟ مقارنةً بالاتجاه الصحيح؟

طبعاً الاتجاه هو الأهم فالبوصلة دائماً أهم من الساعة فلو اتجهنا بالاتجاه الصحيح ولو تأخرنا عندها سنصل إلى وجهتنا على الأقل، حتى لو تأخرنا

وكذلك يعتبر قسم قياس الأداء الوظيفي بمثابة البوصلة التي تحدد اتجاه الشركة وتضبط الاتجاه الصحيح وتعطي المؤشرات للإدارة والأقسام المسؤولة لتصحيح المسار في حال وجود أي خلل في الأداء

فعند عدم قياس أداء الموظفين والشركة نكون كالتائه في الصحراء لا يدري هل هو على المسار الصحيح أم لا

هناك العديد من طرق التقييم التي يمكن من خلالها قياس أداء الموظف وذلك بحسب طبيعة عمل الشركة ونشاطها ومدى نضج البيئة فيها للقيام بعملية تقييم حقيقية بعيدة عن المحسوبيات والحساسيات ولعل من أهم طرق التقييم

البوصلة دائماً أهم من الساعة فلو اتجهنا بالاتجاه الصحيح ولو تأخرنا عندها سنصل إلى وجهتنا على الأقل

الإدارة بالأهداف: حيث يتفق المدير والموظف على مجموعة من الأهداف الاستراتيجية متماشية مع أهداف الشركة في بداية العام والتي يجب أن يركز عليها الموظف ثم يتم مراجعتها ومدى التقدم الحاصل عليها بمراجعات دورية حتى انتهاء فترة التقييم حيث يتم قياس مدى تحقيق الموظف لهذه الأهداف وتحديد نقاط القوة والضعف لديه والأخطاء في الأداء التي حصلت أثناء العام

التقييم 360 درجة: يبدأ هذا التقييم بأن يقيم الموظف نفسه أولاً ثم يقيمه مديره وزملاءه والموظفين التابعين له في حال وجدو وكذلك تذهب بعض الشركات لأخذ تقييم العملاء الذين يكونون على احتكاك مباشر مع الموظف أو قسمه، ولكي ينجح هذا التقييم لابد وأن تكون البيئة في الشركة ناضجة بحيث يتلقى الموظف تقييم زملائه والموظفين التابعين له بكل شفافية وبعيداً عن أي اعتبارات أخرى قد تؤثر على نتيجة التقييم

وفي حال تم التقييم 360 درجة بطريقة صحيحة فإنه يعزز من انخراط الموظفين في بيئة الشركة ويجعلهم على اطلاع أكبر على أداء الشركة ككل ويمنحهم احساساً أكبر بالمسؤولية عن هذا الأداء

التقييم المرتبط بالسلوك: حيث يتم تقييم الموظف من حيث كفاءته في أداء عمله بالإضافة لقياس سلوكيات معينة ضرورية للشركة والتي تُمنح مقياساً رقمياً لتقييمها

كل واحدة من هذه السلوكيات تصاغ بشكل جملة ويُقيم الموظف بناء على سلوكه مقارنة بالسلوك المثالي

مثال: لا أتأخر أبدا عن الدوام الصباحي ويكون التقييم باختيار رقم ما بين (1) و (5) بحيث يكون (1) موافق بشدة و (5) أرفض بشدة

التقييم النفسي: هذا النوع من التقييم مفيد في تحديد الطاقات الكامنة لدى الموظفين، ويركز على تحليل الأداء المستقبلي للموظف بدلاً عن عمله السابق، تُستخدم هذه التقييمات لتحليل سبع مكونات رئيسية لأداء الموظف مثل المهارات الشخصية والقدرات المعرفية والسمات الفكرية ومهارات القيادة والسمات الشخصية والذكاء العاطفي والمهارات الأخرى ذات الصلة

يقوم علماء النفس المؤهلون بإجراء مجموعة متنوعة من الاختبارات (المقابلات والاختبارات النفسية والمناقشات وغيرها) لتقييم الموظف بشكل فعال. ومع ذلك، فهي عملية بطيئة ومعقدة نوعًا ما وتعتمد جودة النتائج بشكل كبير على الطبيب النفسي الذي يدير العملية

يتم أخذ سيناريوهات محددة في الاعتبار أثناء إجراء التقييم النفسي. على سبيل المثال، يمكن استخدام الطريقة التي يتعامل بها الموظف مع عميل عدواني لتقييم مهاراته في الإقناع والاستجابة السلوكية والاستجابة العاطفية وغير ذلك

تقييم الحوادث الحرجة: حيث يقوم صاحب العمل بالاحتفاظ بسجل لكل موظف يتم فيه توثيق حوادث معينة وكيفية معالجة الموظف لها سلباً أو ايجاباً  

نستنتج مما سبق أن على الشركة اختيار طريقة التقييم الأكثر ملاءمة لها وذلك بحسب طبيعة عمل الشركة وعدد الموظفين والصناعات التي تعمل بها فالأفضل البدء بطرق التقييم البسيطة في حال كانت عملية التقييم جديدة على الشركة ويمكن خلال السنوات اللاحقة ادخال تعديلات عليها لتصبح أفضل

الأخطاء التي تحدث في الشركات خلال عملية التقييم

أولاً – عدم الإعلان أنه سيكون هناك عملية تقييم في نهاية العام: وهذا يُحدث ردة فعل سلبية لدى الموظفين عندما تقرر الشركة فجأة القيام بعملية التقييم ويكون المبرر الأكثر استخداماً أن الموظف لم يكن يعلم أنه سيقيم

ثانياً – عدم معرفة الموظف على ماذا سوف يُقيم: إن معرفة الموظف أن هناك تقييماً في نهاية العام ليس كافياً فهو لابد أن يعلم ماهي طريقة التقييم وما هي مقاييس الأداء التي سوف تستخدم وما هو المطلوب منه القيام به ليحصل على تقييم جيد

ثالثاً – عدم ربط نتائج التقييم بنظام مكافآت وعقوبات: لا شك أن عملية التقييم مهمة جداً لكن عدم ربط النتائج بنظام مكافآت للتقييم المميز وعقوبات للأداء الضعيف يجعل الموظفين لا يلتزمون بشكل كامل بعملية التقييم ولا يأخذونها بشكل جدي وتصبح مجرد عملية روتينية لا يكون لها أي تأثير مباشر على أداء الشركة

رابعاً – عدم تدريب المدراء والمشرفين على نظام التقييم: تقع على عاتق قسم الموارد البشرية مسؤولية اجراء تدريبات نظرية وعملية لجميع المدراء والمشرفين الذين سيقومون بعملية التقييم للموظفين التابعين لهم وذلك قبل البدء بعملية التقييم السنوي

خامساً – عدم مراجعة التقييم بشكل دوري أثناء العام: لابد من عملية مراجعة دورية للأداء قد تكون بشكل نصف سنوي أو ربع سنوي وحتى بشكل شهري أحياناً وذلك بحسب طبيعة عمل الشركة، هذه العملية هامة جداً لتصحيح مسار الأداء لأي موظف في حال تقصيره أثناء العام

سادساً – المحاباة في التقييم أو استخدامه كأداة للقصاص: يقوم بعض المدراء أحياناً بإعطاء جميع الموظفين التابعين لهم درجة تقييم جيدة وذلك لعدم رغبتهم في مواجهة الموظفين ذوي الأداء السيء أو يقوم بعض المدراء بربط نتيجة التقييم بمشاعره الشخصية فيعطي الموظفين المفضلين لديه نتائج جيدة وعلى العكس يعطي نتائج سيئة للموظفين الذين لا يحبهم

ويمكن التخلص من هذه الممارسات الخاطئة أثناء التدريب الذي يقوم به قسم الموارد البشرية للمدراء والمشرفين قبل البدء بعملية التقييم

اترك رد